الحزب المغربي الليبرالي

  • twitter
  • google plus
  • facebook
  • youtube

الليبرالية والعمل

إذا كان العدل بوجه عام، هو أساس قيام الدولة، فإن الفكر الليبرالي يرى في العمل الوسيلة التي تمكن الفرد من ممارسة حريته، وصيانة أمواله وتأمين كرامته. ومن تم فإن وجود عدالة مستقيمة، ذات كفاءة وفعالية، يعتبر هدفا أساسيا لتحقيق المشروع الليبرالي.
غير أن المدرسة الحرة تعتبر بأن العمل التشريعي، لا يشكل في حد ذاته الطريقة السليمة لإصلاح القضاء.
كما تعتبر بأن العمل التشريعي يخرج بطبيعته عن اختصاص القضاء، وبيان ذلك أن القانون من اختصاص السلطة التشريعية، ويترتب عن ذلك أنه لا دخل للقاضي في خلق القاعدة القانونية، ومن تم تنحصر مهمته في تطبيقها تطبيقا سليما، دون تحميلها ما لا تتحمله من تشكيك، أو تأويل سيء، أو مرتبك، باعتبار القاضي يطبق بأمانة ونزاهة ما تسطره سلطة التشريع المستقلة عنه، مع ما يترتب عن ذلك من التزام باحترام إرادة المشرع، تلك الإرادة المعبر عنها ضمن قوانين واضحة ودقيقة، تحصر نطاق سلطة القاضي التقديرية، وتجعل منه مطبقا للقانون، لا منشئا له. ولبلوغ هذه الغاية، فإن المجلس الأعلى، يطلع بمهمة مراقبة قرارات محاكم الاستيناف، بهدف توحيد الاجتهاد القضائي، وعلى الإدارة المكلفة بتسيير شؤون القضاة. أن تتولى مهمة تعميم الاستفادة من الاجتهادات القضائية المبدئية، وما قد يلحقها من تغيير، وذلك بنشرها وتوزيعها على أوسع نطاق يشمل محاكم المملكة، وكذا جميع المعنيين بالعمل القضائي، بما في ذلك الجامعات، وهيئات المحامين، والخبراء، والموثقين، وباقي مساعدي العدالة. وعل هدي هذا التوجه، بات من الضروري أن يفضي تطبيق نصوص القانون من طرف القضاء، إلى حلول موحدة، تسري على جميع المنازعات، وتنطبق على سائر أنحاء التراب الوطني.
ويترتب عن ذلك، أن كل مقرر قضائي يتعارض مع النصوص القانونية، أو يخالف الاجتهاد القضائي القار، من شأنه أن يجعل القاضي الذي أصدره يتصف بعدم الكفاءة، مع ما يترتب عن هذه الصفة قانونا، وذلك بصرف النظر عن الخوض في استقامة القاضي ونزاهته. ولعل من أهم الإصلاحات التي ينبغي أن يحققها المجتمع الليبرالي، التفكير في إنشاء شرطة قضائية تنتمي إلى أسرة القضاء وذات طبيعة خاصة، تجعلها تعمل تحت إمرته، مع الاستقلال عن إدارة الأمن التي تنحصر مهمتها في الإطلاع بالأمن العمومي، والوقاية، وتنظيم السير على الطرق، والتكوين المستمر، وضبط المعلومات. أما جهاز الشرطة القضائية، الموضوع رهم إشارة النيابة العامة، بقصد التفرغ التام لممارسة الصلاحيات المخولة إياه قانونا، فهو جهاز يعمل تحت مسؤولية وكيل جلالة الملك، أو الوكيل العام بحسب الأحول.
ويتعين تحقيقا لهذه الغاية، إقامة بناية مستقلة عن الأمن الإقليمي، محادية للمحكمة الابتدائية، تضم الوحدات التابعة للشرطة القضائية، موضوعة تحت إشراف وتسيير قضاة تابعين للنيابة العامة.
ويصدق نفس الأمر على الدرك الملكي، حيث تخضع وحداته المكلفة بمهام الشرطة القضائية، إلى إشراف مباشر تمارسه النيابة العامة، وتنحصر علاقة هذه الوحدات مع القيادة العليا للدرك، في حدود تدبير الوضعية الإدارية للدركي. وفيما يخص زجر الجرائم التي يتعدى الاختصاص فيها، النفوذ الترابي للنيابة العامة، فإنه يتعين إنشاء وحدة وطنية للشرطة القضائية، تتشكل من رجال الشرطة والدرك العاملين تحت مسؤولية وزير العدل بصفته رئيسا للنيابة العامة، وذلك إلى غاية تحديد المحكمة المختصة ترابيا. إن الحركة الليبرالية، لتعرب عن معارضتها لإنشاء أي محكمة استثنائية، تطبق مقتضيات مخالفة لقانون المسطرة الجنائية وتطالب بإلغاء محكمة العدل الخاصة.