السياسة الإجتماعية
تستهدف السياسة الاجتماعية في مفهومها النبيل، الابتعاد عن أية مزايدات ديماغوجية، وفي هذا السياق، تشكل الأجور والتعويضات، أساسا لامتداد التغطية الاجتماعية، وعلى هذا الأساس، فإنه يتعين تحديدهما سلفا ضمن كلفة الإنتاج، بالشكل الذي يجعلهما مرتبطين بالتنمية الاقتصادية والقدرة التنافسية للمنتوج الوطني. إن احترام الأجور والمنح، التي يتم التفاوض بشأنها من طرف جميع الفقراء الاقتصاديين، ولمدة محددة، من شأنه أن يضمن للمقاولة الأمن الاجتماعي، كما أن الإضراب يغدو أمرا غير مشروع كلما احترمت المؤسسة التكاليف الاجتماعية والتزمت بها، وبالمقابل يصبح الإضراب غير المحدود مبررا، لفرض احترام التعهدات المتفق عليها. كما يمنع اللجوء إلى الإضراب، طالما أن الأطراف الاجتماعية داخلة في حوار جاد، ويتحتم على النقابات في هذه الحالة أن تندد بكل توقيف غير مشروع للعمل، وبالمقابل يتوجب عليها أن تعلل سبب توقيف المفاوضات للشروع في الإضراب. إن السياسة الاجتماعية الصحيحة، هي السياسة القابلة للتطوير، ومعنى ذلك أنه يتعين على رب العمل، أن يقبل بمراجعة الكلفة الاجتماعية مع امتدا الزمن وتطور الأوضاع الاقتصادية، ويتحتم عليه إدخال الميكانيزمات التي تضمن، عند الاقتضاء، أوسع قدر ممكن من التغطية الاجتماعية ضمانا لازدهار المقاولة والبحث عن الاستقرار. وبما أن الحكومة، تظل المسؤول الوحيد عن تحديد نطاق السياسة الاجتماعية، ومن ثم فهي تعد مركز الضغط من قبل جميع الفرقاء، لإرغامها على تنفيذ السياسة الأكثر ملاءمة للظرف الزماني والمجالي، فإنه مع ذلك، لا يجوز للنقابات أن تتذرع بالنضال النقابي، وتتستر وراءه، لتحقيق أهداف سياسية بطبيعتها. إن التعريف المتداول للدولة، هو الذي يعرفها بأنها سلطة سياسية، تمارس صلاحيات تتعلق بالسيادة، أهمها بوجه خاص احتكار الضغط والإكراه المشروع، والإطلاع بالتعليم والصحة والسكن وسائر ضروريات العيش الكريم. كما لا يتصور، من جهة أخرى، قيام الدولة بمدلولها المعاصر، بمعزل عن التعهدات الدولية بهذا الخصوص. وتنفيذا لهذه التعهدات المنبثقة عن المواثيق الدولية، باعتبارها الأساس الذي تنبني عليه الأمم المتمدنة والمتحضرة، ممن تحترم حقوق الكائن البشري، فإن الحركة الليبرالية، ومن هذا المنظور، تعتبر جملة من المعطيات، مسائل أساسية لتأمين كرامة الإنسان، ويتعلق الأمر بالمعطيات الآتية :
- إن التعليم الأساسي يقع على عاتق الدولة، ويشكل القالب الرئيسي الذي تنصهر في بوتقته الهوية المغربية.
- إن القوة العمومية تؤمن السياسة الصحية الوقائية، مع ضرورة تعميم التغطية الصحية، ووجوب التوفر على قطاع صحي عمومي كامل التجهيز والكفاءة.
كما أن الاستقرار الاجتماعي، يمر عبر وضع سياسة عامة يتحقق معها مبدأ تحسين ظروف العيش للجميع، وتشجيع اكتساب الملكية الخاصة، وتأمين الاستهلاك، عن طريق تمكين الطبقة العاملة من الحصول على القروض، بواسطة الرهن المنصب على المداخيل، أو بواسطة الضمان عن طريق التأمين، بقصد الحصول على مسكن، أو لتلبية الحاجيات الضرورية.